نظام أمني بخوذة “ديمقراطيّة”!

تتحدّى بندقيّة القمع

قبل مجيء بطل  مخيّم نهر البارد، ميشال سليمان، إلى سدّة رئاسة النظام اللبناني العنصري، بدأ الحديث عن تركيب نظام مخابراتي قمعي في البلاد، يشبه لحد بعيد التركيبة الأمنيّة أثناء وجود البعث السوري في لبنان.
شكّل تدمير المخيّم  بقيادة ميشال سليمان، أوراق اعتماد لدخوله إلى النادي السياسي، الذي يضم نخبة من زعماء القبائل، ومجرمي الحرب الأهليّة.
طبعاً، رئيس الجمهوريّة لا يتحمّل مسؤوليّة القمع متابعة القراءة “نظام أمني بخوذة “ديمقراطيّة”!”

إشارات حمراء

هاني نعيم
فيما تحتفل الدول المتقدمة بإزالة إشارات السير من شوارعها، بعدما أوجدت حلولاً جذريّة لمشاكل السير والزحمات التي عادةً ما توصف في نشرات الأخبار بـ«الخانقة»، كانت وزارة الأشغال العامة تزعج المواطنين الآمنين في بيروت بإقامة إشارات سير في ما بقي من مناطق تقع خارج نطاق الوسط التجاري.
هذا المشهد ليس بالضرورة مؤشّراً إلى تخلّف لبنان. فعلى الأقل، الكثير من جمهوريّات الموز لا تملك حتى الساعة طرقات مزفّتة أو جسوراً وأنفاقاً، وهذا يعطينا القليل من الأمل ومن الشعور بالتقدم والرقيّ والتمدّن.
ولكن هناك وضع أو حالة مختلفة، تتكرّر يوميّاً في طرقات بيروت، وتحديداً أمام إشارات السّير، حين يبدأ «روّاد» السيارات بإطلاق الزمامير لحظة إضاءة الإشارة الحمراء.
هذا المشهد يقود إلى العديد من التساؤلات:
– لمن يوجّه هؤلاء «زماميرهم»، في ظل «ضياع الطاسة»؟
– هل يعتبر هؤلاء أنّ الإشارة مثلاً قد يتغيّر لونها من كميّة وحجم الزمامير الموجّهة إليها؟
واستطراداً نسأل: ما جدوى هذه الإشارات؟
رغم ذلك، يمكن أن نفهم هؤلاء، فالمسألة ليست «إشارة». لا يزال اللبنانيون، بمن فيهم مطلقو الزمامير، منذ الاستقلال إلى اليوم، يسمعون من طبقتهم السياسية بكل ألوانها أنها تريد «بناء الدولة الحقيقية»، ما يؤكّد وهميّة الكيان الحالي. واللبيب من «الإشارة» يفهم.


الخميس ١٦ تشرين أول٢٠٠٨

الطائفيّة في ضوء المالتوسيّة

هاني نعيم

رائع مالتوس!!
لم يدعُ عبثاً الى الحرب.
انطلق من علاقة جدليّة ما بين عنصرين:
العنصر الاوّل: ان المنتوجات الغذائيّة تتطوّر وتزداد حسب متتالية عدديّة (suite numerique: n+2) مثال:

2+2=4
4+2=6
6+2=8

العنصر الثاني: اما الناس فاعدادهم تزداد حسب متتالية هندسيّة (suite geometrique: n*2) مثال:
2*2=4
4*2=8
8*2=16

وبالتالي، وكي يحافظ الناس على حاجاتهم وليبقى التوازن قائم ما بين نمو الناس والمنتوجات الغذائية، يدعو مالتوس الى الحرب، وبذلك يتحقق التوازن.
* * *

اسقاطات عفويّة!!
لا يمكن للقارىء اليومي للجريدة الا التوقّف عند خبر محلّي دائم:

تأسيس حزب/ جبهة / تيّار او ما يعادلهم من تنظيمات سياسيّة ان كان في “المجتمع المسيحي”، “الشارع السنّي”، “البيت الشيعي”، او التخشيبة الدرزيّة” الى ما هنالك من طوائف وخنادق.

سؤال محدد يتبادر الى ذهن المواطن برتبة متلقّي:
الى اين يقودنا نمو الطحالب هذا؟
هنا، يحضر مالتوس بكل روعته وقساوته.

ولبنانيّاً يمكن الاستدراك:
كلّما ازدادت هذه التنظيمات الفطريّة بمتتالية عددية فإنّ نسبة الشحن الطائفي ستزداد على وقع متتالية هندسيّة.

والباقي للاستنتاج، منعاً للاتهام بالمالتوسيّة!!
ودمتم..

عولمة اللبناني

هاني نعيم

من جديد، يؤكّد اللبنانيون التنازل عن البيروقراطية واسلوب السلحفاة، ويصرّون على مواكبة العولمة. في السابق، كلّفنا اتفاق الطائف 15 سنة من الحرب، ونحو 150 الف قتيل (مع العلم ان الاحصاﺀ هذا غير دقيق ونهائي)، عدا عن عدد المهجّرين والجرحى، وتدمير البنية التحتيّة والفوقية وما بينهما من بنى. ولكن بعد “ركوب” السرعة، ونقلِنا عن الشعب الياباني الشقيق تقنيّة الميكرو والنانو، فأصبح بإمكاننا افتعال “ميني” حرب اهليّة، تدوم لمدة اسبوع كأبعد تقدير، وعدد قتلاها لا يتعدّى 150 قتيلاً (احصاﺀ غير دقيق، كسابقه)، وبعض الجرحى هنا وهناك مع “كمشة” الخراب، هذه كلفة اتفاق الدوحة.

المفارقة ان اتفاق الطائف جاﺀ بقرار إخراج قائد الجيش حينها من قصر بعبدا، اما اتفاق اليوم فدعا الى ادخال قائد الجيش الحالي الى القصر، وهذا يعتبر من عناصر التحوّل في المشهد ككل.

اليوم، يمكننا ان نهنئ انفسنا، كشعب يحب “التقويص” والحياة و “التزمير”، لم يعد لدينا سقف واحد، فنحن شعب ذو سقفين- لهذه الساعة-، فلا احد يعرف ماذا ينتظرنا بعد الطائف والدوحة. وهذا ما يؤهلنا لنكون شعباً “بيحترم حالو”.

ولنصبح شعباً تحترمه الدول القريبة والبعيدة والذين لم يتركوا مناسبة الا ومارسوا الحنان علينا، ربّما يلزمنا سقف ثالث ورابع، وهذا يكون بداية ملامح بيت يجمعنا.

الفرق شاسع بين السرعة والتسرّع، علينا ألا نخلط كثيراً، وعلى حد تعبير جمعية اليازا “لا تسرع، فالموت اسرع” ودمتم.

جريدة البلد

حقل معجمي لبناني

هاني نعيم

ليس من العدل ان يحيا سكان بيروت فقط الاحداث العسكريّة – الامنيّة، وبما انّ المساواة نعمة اللبناني، وفعل آلهي، وكون المقاتلين والمتقاتلين والميليشياوييّن لديهم ديناميكية الحياة الكريمة، قاموا بنقل الاشكالات لمناطق خارج بيروت، الى الجبل والشمال، ومن يدري غداً اين تكون الاشتباكات؟

ليس من العدل ايضاً، ان تستخدم فقط الاسلحة الخفيفة والمتوسطة في المعارك، وبما انّ المدافع قد تتعرّض للصدأ، فلم لا نستخدمها ايضاً؟ من ناحية تكون المعارك ذات شأن “اثقل”، ومن ناحية أخرى نضفي مزيداً من الرعب على المشهد برمّته.

وبما انّ اللبناني، المواطن- الضحيّة، لا يكفيه اغلاق المطار، فلم لا تغلق فئة اخرى طريق المصنع كرد على اقفال المطار؟ ومن باب العدالة ايضاً، يحق للعمّال اغلاق المرفأ، وهكذا، لبنان غابة مصنّفة جزيرة معزولة برّاً وبحراً وجوّاً، وهذا ما يوحي بأن لبنان ليس فقط سويسرا الشرق، بل ايضاً: قبرص الثالثة.

وكون اللبناني لديه القدرة والحرفيّة العالية على إعادة تمثيل افلام قديمة، مع فرق وحيد انّ الصورة ملوّنة اليوم، فهو يثبت يوماً بعد يوم جدارته على ان يكون ممثلاً “هوليووديّاً” بامتياز، وفي الحد الادنى كومبارس شرق اوسطي.. وبالتالي لا بأس من بضعة قتلى وجرحى في الشوارع والساحات، وحرائق في الممتلكات العامة، وبعض القنّاصين المختبئين هنا وهناك، فالمشهد تلزمه الواقعيّة.

يمكن ان نستخلص مما ورد اعلاه حقلاً معجمياً لبنانياً، يوصّف مسيرة اللبناني نحو التحضّر، وهذا الحقل هو: احداث عسكرية – فعل الهي- مقاتلون- ميليشيا- اشتباكات- اسلحة على انواعها- معارك- رعب- الضحية- عدالة- جزيرة- افلام قديمة- هوليوود- كومبارس- قتلى- حرائق- قنّاصون- واقعيّة.

ودمنا للمدنيّة متقدّمين!

جريدة البلد

الطبقة العابرة

هاني نعيم

استطاعت السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة في لبنان من خلق طبقة جديدة في المجتمع اللبناني، وتتميز هذه الطبقة بكونها عابرة للمناطق والطوائف والمرجعيات. وهي تشكّل اول قاسم مشترك حقيقي بعد شركة النقل المشترك العمومي. و يوماً بعد يوم تتسع هذه الشريحة لتشكّل غالبية الشعب اللبناني، وبذلك تكون الطبقة السياسية بكل الوانها المحبة للحياة “حاف” او “بشرف” قد قامت بعمل لم تستطع الاحزاب برمتها القيام به، ولا حتى النقابات. وهذا يؤكد من جديد قدرة الصيغة اللبنانية على الخلق والمسخ في آن. وهنا سنستعرض معاً خصائص هذه الطبقة، والتي قد تعتبر صك للانتساب اليها، وهي تتلخص بالتالي:
– بأن يكون عاطل عن العمل او يكون مدخوله لا يتعدى الحد الادنى للاجور، حيث ان الفرق آخذ بالاضمحلال والتلاشي المبهم.
– استخدام حافلات النقل المشترك خلال التنقل بين مختلف محميات الارز اللبنانية.
– تناول وجبتين على الاكثر في النهار.
– نسل محدود الكمية.
– علاج صحي ذاتي لانعدام الضمانات، والتاء جمع مؤنث غير صحي.
– سياحة داخلية تقتصر على الزيارات العائلية في المناسبات الذات طابع بهيج.
– ابتسامات عرضيّة .
– حضور النشاطات الفنية يقتصر على الدعوات المجانية.
واليوم تتولى لجنة مشتركة من السلطات التشريعية والتنفيذية والتهويلية مع عدد من علماء اللغة اللبنانيين وبالتعاون مع عدد السفارات بدراسة المصطلح المناسب لهذه الطبقة، كونها ليست طبقة عمال فقط، او طبقة عاطلين عن العمل، او حتى طبقة فقراء وهذه حالة فريدة من نوعها، مديترّانيّاً وعالميّا،ً وسؤال يطرح كاشكاليه: ما الفرق اللبناني بين كل هؤلاء؟ خصوصاً وانّ القدر الشرائية تتقلّص كنفس اي مواطن. باختصار لا فرق.ومن هنا تأتي اهميّة الدراسة.
واشكالية اخرى يمكن استنباطها ايضاً، هل يعتبر واحد ايار عيداً لهذه الطبقة ايضاً؟ الكل بانتظار ما سيظهره البحث. والى ذلك اليوم، كل عام وعمال بلادنا بخير.

 

جريدة البلد

إنكشاف لبناني

 

هاني نعيم

 

 

استطيع، ومجموعة كبيرة من الناس المصنفين مواطنين ايضاً، ان نسمع ولفترة محدودة خطابات وبيانات لها نَفَس ثوري، صادرة عن سياسيّين اشتهروا بانتفاضاتهم ووفائهم وثوراتهم الشعبية منذ الاجداد، وهم بشكل او بمضمون امتداد لهم.

 

ولهذا قد تعود طبيعتنا الثورية المتجذّرة في “التزمير” المبرر دائماً، والتي قد لا يفهمها السائحون الاجانب، ونحن لسنا بصدد الدفاع، وليكن ما يكن! ! وبذلك قد نستطيع ان نفهم اكثر ظاهرة القنابل الصوتية ليلاً في احياﺀ بيروت دون ان يكون هناك رامٍ او مرمى عليه، فنحن لسنا في حرب، وبالتالي فهي قنبلة مجرّدة، او بلغة اكثر واقعيّة ولبنانيّة: “مجرّد قنبلة يا زلمي، ارجع نام”. وبالتأكيد سنفهم الرياح الدائرة غرباً- غرباً بعد ان كانت غرباً – شرقاً، ومع تبيان تلك الاشكالية، نستدرك تلقائياً المبارزة بأحجام اللافتات والصور في الشوارع ذاتها حيث القنابل الصوتية، كما وانّ عدداً كبيراً من تلك الصور يمكن لأي مواطن او حتى رائد فضاﺀ من مشاهدتها بالعين المجرّدة من مركبته في القمر، حيث استطاع فريق الارزة الرخوة من التغلّب على فريق الارزة المتلبّدة، بفارق كوكبين. ويـمكن ان نستنبط التركيبة التاريخية للتبولة غير منضبطة العناصر، كأي تنظيم لبناني آخر يُعتبر منظّماً.. وبما انّ المشهد اللبناني برمّته مترابط الفئات، إذن لا يُستثنى من الاستنباط المعنيون بالموضوع مباشرةً من نقابيين وبائعي اسلحة وادوية وطحين، وذوي النسل والدخل المحدودين، والمفلسين عموماً.

 

بعد كشف هذه الطلاسم، ماذا يبقى غير ان لبنان مكشوف امنياً وسياسياً واجتماعياً.. فهمنا! ولكن ما لا يمكن فهمه هو تغنّي المسؤولين الثوريين والاوفياﺀ منهم بالانكشاف في لبنان وكأنّه انشودة الربيع، والاكثر التغنّي بالاستقلال من على منابر السفارات.. دام الانكشاف ونِعْمَ الاستقلال!

 

جريدة البلد

“كريب” لبناني

 هاني نعيم

 

 

تتعرّض شريحة واسعة من اللبنانيين يوميّاً وعشوائيّاً، لموجة كريب ناشف (زكام)، تثير التضامن الشعبي. اسباب هذا الكريب تعود الى الجو المتقلّب، حيث انّ المواطن العابر للشارع، سيشعر بالبرد اثناﺀ مروره تحت شجرة او فسحة “” فيﺀ، وبالحر اذا غابت الشجرة عن الحضور، وهذا ما يخلط الامور عليه. برد وحر في شارع واحد؟ إذاً هنيئاً له كمواطن بالكريب، ولنا كقبائل وعشائر بحالة الاستهجان العام، وطبعاًهنيئاً بالبحبوحة لاصحاب معامل الكلينكس.

 نكره الكريب ليس فقط لانّه يزيد من مصروفنا على صعيد الحمضيات والادوية والكلينكس وغيرها من الادوات التي تدخل في اطار العلاج، بل انّ مفاعيله سيئة على المواطن سلوكيّاً، فيصبح ضبابيّ الحواس، لا يشمّ، لا يسمع بشكل جيّد، متقلّب بصفة مزاجيّ، سريع التعصيب، خفيف الاستدراك، ممتنع عن التقبيل الاّ في الحالات القصوى، عدا حالات الانزواﺀ والانطواﺀ والانعزال التي تطال “المكرّب” فيعيش بعيداً عن الآخرين لحين عودته للحالة الطبيعية.

الآن، يمكن ان نكتشف تلك التي نسمّيها شعبيّاً “القطبة المخفيّة” التي تربط بين لبنان، الكيان والرسالة والكبّة النيّة، وبين اللبناني، العبقري والمكرّب و “اللي كيف ما كبيتو بيجي واقف”.

واليوم، ايضاً، يمكن ان نفهم اكثر التوتّر اليومي بين إنعام وزوجها، وبين “الدكنجي” وشفيق، الى ما هنالك من توتّرات امنيّة تجوب انحاﺀ بيروت.

وايضاً، يمكن ان نفهم بشكل اعمق المنافسة الخفيّة بين معامل الكلينكس المحليّة واصحاب الوكالات الحصريّة لاستيراد الكلينكس، وهذا يدخل ضمن اطار “الليبرالية المستشرسة” التي يتميّز بها لبنان، الرسمي والشعبي. وللاستدراك، يمكن ان نلحظ اكثر، حركة السياسييّن المستقرّة وتزامنها مع وقع الحركة الدبلوماسيّة المتعددة الجنسيات، ما يقودنا للتفكير بصحّة زعمائنا “اطال الله ظلّهم”.

زعماؤنا ينطبق عليهم الكثير من حالات الكريب المذكورة اعلاه.. فهل هُم كذلك؟ لحين معرفتنا الجواب وهو متأخر.. سلامتكم!

جريدة البلد