هل وصلنا إلى خط النهاية؟


هنيبعل نعيم

ويتدحرج العالم باتجاه القاع الذي لا نهاية له. هذا ما انتظرناه طويلاً. كل شيء يتداخل ببعضه البعض، بين الكوارث الطبيعية التي تجرف كل شيء في طريقها، والكوارث التي انتجناها بيدينا، والتي ترمينا في فضاء من الفوضى والأزمات النفسيّة.

نحن عالقون في شكل هندسي متوازي الأضلاع. لا يمكننا الصعود إلى الأعلى، ولا الخروج من النافذة التي أغلقناها بسواتر حديديّة، ولا حتى يُمكننا النفاذ من الباب الخلفي الموصد بمفاهيم ذهنيّة لا طائل لها.

الاختلال أصاب كل شيء. وليس لدينا القدرة على عكس ما قمنا به. هذا القطار الذي غادر المحطة منذ زمن بعيد لا أحد قادر على إيقافه. على مقربة من البحيرة، نقف، ونحاول تقبّل واقعنا الذي صنعناه، ولكن هذه حقيقة من الصعب هضمها. لم نعلم أنّ ما قمنا به غير قابل للتغيير، والآن روحنا الجماعيّة تكتم غصّة عالقة في أعلى المعدة، مثل حال شخص ارتكب جريمة قتل، ويُحاول إعادة الشخص الذي قتله إلى الحياة، عبر الضغط على صدر الجثّة.

***

 

من بعيد، نبدو وكأننا فقدنا صوابنا الجماعي. استطعنا تحويل هذا العالم إلى سيرك بائس، يتمشى فيه مهرجين مكتئبين يحاولون زرع الابتسامة على وجوه أناس فقدوا القدرة على تمالك أعصابهم.

المهرجون لا يريدون شيئاً سوى أن يُحدثوا فرقاً في اليوميات المملة لكل هؤلاء، ولكن محاولاتهم فشلت مرة بعد مرة. ربما هذا العالم يُريد شيئاً أكثر إثارة ليُعيد بعض من الشغف إليه، ولكن ما الذي سيُثير مخيّلة البشر بعد أن استنزفنا كل الإمكانات والاحتمالات الموجودة، وكل ما استطعنا القيام به هو هدم مقوّمات الحياة على هذه الأرض التي ضاقت بنا ذرعاً من أساليب الحياة التي اعتمدناها، وقد ضجرت من قصصنا وحججنا الواهية، وهي الآن تمضي في طريقها الخاص، بعيداً عنا.

المرض ينخر كل شيء: الأرض، الأجساد، الأرواح، وحتى المخيّلة. نحن، بحضارتنا الحالية، نشكّل الطبقة الأخيرة التي تلبسها الأرض. هي طبقة من طبقات لامتناهية ارتدتها الأرض على مر العصور. نحن نعيش الحقبة الأخيرة لهذه الطبقة، وهي مسألة وقت قبل أن تُدفن هذه الطبقة مع بقايا الآثار التي نكتشفها عادة أثناء ممارستنا للحشرية.

طبقة تختفي وأخرى تنشأ. بؤساء اليوم قد لا يتمكنوا من رؤية الطبقة الجديدة التي ستكون جلدة الأرض المرتقبة للعصر الجديد القادم. وهذا ما قد يزيد من بؤسهم، ولكن لا بأس بذلك.

الحضارة الأخيرة التي بناها البشر أخذت فرصتها وربما فرصة غيرها.

هل وصلنا إلى خط النهاية؟ البؤس على وجوهنا، وسلوكنا اليومي في أرجاء الأرض، يحمل الجواب لكل الأسئلة التي لم نسألها.

الكاتب: Hanibaael

Writer. Content Creator & Fire Performer

فكرة واحدة بشأن "هل وصلنا إلى خط النهاية؟"

أضف تعليق