بعيداً في الوجود

في كاتماندو - بعدستي
في كاتماندو – بعدستي

أحياناً، يتقلّص هذا العالم ليُصبح كقطرة ندى فوق رمال الصحراء. وأحياناً أخرى، يتمدد ليُصبح ثقيل كجبال الهمالايا. ومرّات نادرة يتلألأ الندى فوق قمم الهمالايا، وهذا ما يخطف أنفاس الرهبان الذين يعيشون في ظل المعبد الصغير.

كل يوم، عندما تشرق الشمس عند الصباح، اتطّلع من نافذة الشقة التي أعيش فيها نحو البحيرة التي لا أشعر تجاهها بالكثير. أتطلع إلى اليوم الجديد، وفي قرارة نفسي أعرف بانّ كل ما أتوقعه سيحدث.

أعود إلى المنزل والضوء بدأ بالتسرّب إلى أعماق الأرض وقلوبنا الدافئة. لم يعتريني أي شعور. لم أشعر بالحزن أم الفرح. لم أشعر بالحنين إلى أشخاص أم أماكن. لم أفكّر بعائلتي. لم أفكّر بالماضي ولا حتى بالمستقبل. كنت حاضراً ولم أكن هناك. كنت غائباً وكنت في الغرفة أيضاً.

عدت إلى المنزل، وعرفت في قرارة نفسي بأنّ العالم الذي أمشي تجاهه هو عالم ليس ببعيد وليس بقريب. هو عالم ينتمي في اعماقه إلى هذا العالم الآيل إلى السقوط. وعرفت بأنّي لا أنتمي سوى إلى هذا العالم.

أكثر ما أحبه حول هذا العالم هو أنّه يتغيّر. يتغيّر في ظروف لا نحبها وباتجاه لا نريده. ولكنّ الواقع هو أنّه يتغيّر ولا أحد يُمكنه أن يوقف هذا الأمر. كل ما يُمكننا أن نقوم به هو أنّه علينا أن نتعلّم من القدماء ومن تجاربنا السابقة كيف نتعامل مع هذا العالم. هي ليست بمهمة سهلة، وهذا ما يجعلها متابعة القراءة “بعيداً في الوجود”