متى دخلتُ هذا السجن؟

قدّسوا الحريّة، حتى لا يحكمكم طغاة الأرض. جبران خليل جبران

تستيقظ عند الساعة الثامنة والنصف. اليوم الأول من الأسبوع. الطقس خفيف بكل عناصره. الشمس. الرطوبة. الهواء. تقرر أن تذهب إلى الكورنيش البحري. تمتطي حصانك الأبيض. تصل متأخراً، بسبب زحمة الأحصنة على الطرقات، ولكن هذا لن يوتّرك أبداً، فأنتَ لست على عجلة من أمرك. هناك، على الكورنيش، تحتسي القهوة، وأثناء ذلك، تعتني قليلاً بالاقحوان الأحمر، الذي يتشارك بزرعه قاطني المدينة. يمرّ بعض الأشخاص الذين تعرفهم، ترمقهم بودّ نادر. تلتقط بعض الصور الفوتوغرافيّة بكاميرتك التي تعشق. وبعدها، تستريح قليلاً، قبل التملّح بمياه البحر.

هناك، على الشاطىء الرمليّ، المئات من الناس الغير مزعجة، تمارس التملّح، تلعب الموسيقى، وترقص. تتملّح لبعض الوقت، قبل أن تجفف جسدك بخيوط الشمس السحريّة. والآن؟ حان وقت الموسيقى والرقص.

We, The people. Venice Beach. by Hanibaael

تدخل إلى حلقة الرقص، حيث تتشارك الإيقاع مع مئات الناس الذين لا تعرف عنهم شيئاً، سوى أنهم تمرّدوا منذ الأزل على رتابة الموت اليومي. في الحلقة، تختبر خلايا دماغك، شرايينك، مسامات جسدك، أذنيك، عينيك، ملامح وجهك، ونبضاً ما يختزن القلب والروح. وأيضاً، تختبر معنى “الجنون”!

ترقص لساعات طويلة. تنسى كل شيء، وتتذكّر أنك أكثر من روح. ودون أن تتعب، تخرج من الحلقة. وتذهب، على حصانك الأبيض، الذي بدأ يلتهمه الجوع، ليرعى في أحد المساحات الخضراء التي خصصها الناس للأحصنة، إذ يمكنهم أن يرعوا ويلتقوا معاً بعيداً عن التعب المزمن الذي يعانوه منذ بدأ الناس استخدامهم كوسائل نقل يوميّة.

شبع حصانك، وتسكّع برفقة فرس جذّابة من جيله. يراودك سرور عميق. تمتطيه، وترحل بعيداً، إلى إحدى ضواحي المدينة، لتشاهد عرضاً مسرحياً ليس لشكسبير. متابعة القراءة “متى دخلتُ هذا السجن؟”