معبر إلى الكون



الذات. هي المعبر إلى الكون. ذلك النداء الكونيّ الذي ينتاب أي كائن، لا يُمكن احتوائه. خوض التجربة الروحيّة، ذاتيّاً، هو تجريد العلاقة مع المقدّس من كل الأشكال الطقسيّة الجامدة، وإخراجها من النصوص، إلى فضاء التوحّد الكوني المقدّس.

***

الجانب الروحي موجود في كلّ كائن. وليس بالضرورة أن يكون عليه برهان علمي كي نُقرّ بوجوده، وليس بحاجة إلى “نص مقدّس” يؤكّد وجوده. هو ذلك الشعور العميق بأنّك جزء من منظومة مقدّسة، تتراقص على إيقاع التناغم الكوني.

***

التأمل هو أحد الدروب الروحيّة التي تساعد على خوض هذه التجربة. هي حالة انتقال من “النوم إلى الاستيقاظ”. استيقاظ الحواس. الذهن. هو الحضور الكامل: بالذهن، الروح، والحواس.

التأمل يزيد من اتصال الإنسان بكل ما يجري حوله.

***

يحدث أن نندهش لوجود الشمس، وضوئها. مجرّد وجودها دهشة لا تحتمل. خوض التجربة الروحيّة يشد الإنتباه إلى وجود الشمس الرائع التي تمدّنا بالدفء، والضوء، والتوازن. وهذا ما يجعل الإنسان أكثر اقتراباً منها، وكأنّه أحد خيوطها.

***

التجربة الروحيّة تُعيد إلى الذات بعض من الدهشة التي تُفتقد في هذا الزمن الباهت. تُعيد بعض من الذات إلى الذات،  حيث أنّ السرعة أصبحت من سمات كل شيء، وهذا ما شوّه حقيقتنا، وصرفنا عن أنفسنا، وأصبحنا مجرّد كائنات هشّة مسجونة داخل أيديولوجيّات وأطر حديديّة أبهرت وعينا، وأخضعته.

إنّ خوض التجربة الروحيّة بعيداً عن الأطر، يعني أن الخروج من السيستيم، على الأقل على الصعيد الروحي. هو المحافظة على الروح من التهشّم الذي لحق أو قد يلحق بها، وترميم ما أفسده السيستيم. والرحيل بعيداً، في رحلة اكتشاف أعماق الذات، لم يتم الوصول إليها من قبل. هي عودة إلى الذات.

التجربة الروحيّة هو أن اكتشاف لتلك الأعماق. هو الالتصاق أكثر بكل ما حولنا، من كائنات حيّة. الاقتراب أكثر من الضوء، الشمس، النجوم، البحر، الأشجار، وكل ما يحيط بنا.

خوض التجربة الروحيّة خارج الأديان ونصوصها، هو خروج عن السرب، والذهاب بعيداً في طريق مغرية، وجذّابة، لخوضها، بشغف الاكتشاف، والدهشة، والتوحّد.

***

تقود التجربة الروحيّة، إلى إعادة تموضع الذات من جديد في هذا الكون.

نشر هذا النص في مدوّنة “الاسكندريّة 415” التي تعنى بالمسارات الروحية والديانات المُصنّفة عادة بالـ”بديلة”

الكاتب: Hanibaael

Writer. Content Creator & Fire Performer

رأيان حول “معبر إلى الكون”

    1. مي،
      هيدي العبارة بتختصر كتير. وبتشبه كتير عبارة ارسطو “اعرف نفسك”.

      تحياتي، وحبيت مدونتك صراحة 🙂

      إعجاب

أضف تعليق